الحج
مكه هي أطهر بقاع الأرض
الحديث عن أطهر البقاع هو حديث وجداني وارتباط روحي وتشريع إلهي؛ فهي أعظم بقعة، وإليها أقدس مسير وسفر، اختارها الله سبحانه وتعالى لمناسك الحج والعمرة وجعلها قبلة للناس.
فيها الكعبة التي جعلها الله قياماً للناس وأمناً، وجعلها مثابة لهم تثوب إليها قلوبهم كلما زاروها اشتاقوا إليها. ومنذ أن بناها إبراهيم وولده إسماعيل عليهما السلام، ورفعا القواعد، وهي مباركة وهدى لكل المسلمين؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِين﴾.
مكة المكرمة هي الوجهة التي اختارها الله لعبده محمد -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته. فيها تزكية القلوب، ونور الأرواح، واشتياق المحبين؛ قال تعالى: – قد نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَه –
شعيرة الحج هي خامس أركان الإسلام، لها العديد من الفضائل، منها:
– سبب لدخول الجنة:
حيث ورد في الحديث الشريف قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (والحج المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة). والحج المبرور معناهُ أن يكون من مال حلال، وأن يقصد الحاجُّ بيت الله الحرام تائباً، مبتعداً عن الفسق والإثم والجدال، وأن يستوفي أركان وواجبات الحج.
– سبب لتكفير الذنوب:
حيث ورد في الحديث الشريف قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من حجّ لله فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه).
– سبب للغنى:
حيث ورد في الحديث الشريف قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (تابِعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة).
– سبب للأمن وحفظ الله:
حيث ورد في الحديث الشريف قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ثلاثة في ضمان الله عز وجل)، وذكر منهم: (ورجل خرج حاجّاً )
“رحلة الحج هي رحلة ترحل فيها بروحك ومشاعرك إلى أعظم وأقدس بقعة، فاحضر بقلبك قبل جسدك.”
~ اليوم الثامن (التروية):
يمكث الحجاج في مِنى محرمين، ويصلّون فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء.
~ اليوم التاسع (عرفة):
يتوجه الحجاج إلى عرفة صباحاً، فيصلّون فيها الظهر والعصر جمعاً وقصراً، ويتفرغون للدعاء حتى غروب الشمس.
~ ليلة العيد (المزدلفة):
يمكث الحجاج في المزدلفة، فمنهم من يبقى إلى الفجر، ومنهم من يغادرها منتصف الليل إلى رمي جمرة العقبة.
~ اليوم العاشر (يوم العيد):
يرمي الحجاج جمرة العقبة، ويحلقون ويقصّرون شعورهم، ثم يخلعون ملابس الإحرام ويلبسون ثيابهم، ومن كان عليه هَدْي فإنه يذبح هدْيه.
~ اليوم العاشر (يوم العيد):
يتوجه الحجاج إلى المسجد الحرام لطواف الإفاضة، وأداء سعي الحج ممّن كان منهم متمتعاً أو مفرداً أوقارناً لم يسعَ للحج مع طواف القدوم.
~ أيام التشريق 13-12-11 :
يبيت الحجاج فيها بمِنى، ويرمون كل يوم الجمرات الثلاث. مَن تعجّل منهم يغادر منى بعد أن يرمي يوم 12 من ذي الحجة، ومن تأخّر يبقى حتى يرمي الجمرات يوم 13 من ذي الحجة، ثم يغادر مِنى.
~ طواف الوداع:
يطوف الحجاج للوداع قبل مغادرتهم مكة المكرمة.
العمره
العمرة مأخوذة من الاعتمار
وهو الزيارة أو القصد، ومعنى اعتمر في قصد البيت أنه إنما خُصّ بهذا لأنه قصد بعمل في موضع عامر، لذلك قيل للمحرم بالعمرة معتمر، وفي الشرع زيارة البيت الحرام، والطواف والسعي بشروط معلومة، وقد اعتمر -صلى الله عليه وسلم- أربع مرات في حياته، ويمكن أداؤها في أي وقتٍ من السنة، والصواب أنها واجبة مرة في العمر، لقوله تعالى: ﴿وَأَتِمّوا الْحَجّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾.
أركان العمرة الثلاثة:
1-الإحرام: الإحرام لغةً هو: الدخول في الحُرمة ويقال: أحرم الرجل، إذا دخل في حرمة عهدٍ أو ميثاقٍ فيحرُم عليه ما كان حلالاً له، والإحرام اصطلاحاً: هو نية الدخول في النُّسك، وهذا مذهب الجمهور؛ فهو الركن الأول من أركان العمرة، فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، ووجه الدلالة أنه لا يصح العمل ولا يثبت إلا بوقوع النية.
من الإحرام تبدأ نية أداء النسك بالقلب، ويتلفظ بها باللسان: ‘لبيك اللهم عمرة’، ولا مانع بإتمامها بإضافة الاشتراط، فيقول: ‘فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني’ عند الخوف من عدم التمكن من أداء النسك لمرضٍ أو ظرفٍ متوقع، ويجب على الرجل أن يتجرد من المخيط كله، ويرتدي إزاراً ورداءً، ولا يغطي رأسه بشيء، أما المرأة فتحرم في ملابسها العادية، غير أنها لا تلبس النقاب أو القفازين.
تتمثل الحكمة من مشروعية الإحرام بتحقيق العبودية لله، وتعظيمه، والامتثال لأمره، وإظهار المساواة بين جميع المسلمين حاكمهم ومحكومهم، غنيهم وفقيرهم، وكذلك التذكير باليوم الآخر والحشر.
2-الطواف: الطواف لغةً هو: دوران الشيء على الشيء، واصطلاحاً هو: التعبد لله -عز وجل- بالدوران حول الكعبة على صفة مخصوصة، وهو عبادة لله؛ تُظهر الافتقار والتوجه بالقلب والجوارح إليه سبحانه، وهو الركن الثاني من أركان العمرة، ويقوم فيه المسلم بالطواف حول بيته الكريم -الكعبة- تعبداً لرب البيت وتقرباً إليه بما شَرع، وتشترط الطهارة من الحدث الأكبر و الأصغر في الطواف لأنه كالصلاة، وصفته أن يبتدئ المعتمر طوافه من الركن الذي فيه الحجر الأسود، حيث توجد علامة خضراء تبين ذلك في الأدوار العلوية، ثم يكبر المعتمر في كل شوط بمجرد محاذاته للحجر الأسود، وليس شرطاً أن يكون التكبير في نقطة محددة لا يصح التكبير قبلها أو بعدها، بل الأمر تقريبي، فإذا وجد المعتمر نفسه قد حاذى الحجر فإنه يكبّر.
يُشير المعتمر بيده إلى الحجر الأسود، ثم يبتدئ طوافه بحيث تكون الكعبة عن يساره (عكس عقارب الساعة)، وإن استطاع أن يقبّل الحجر الأسود فقد أدى السُّنة، وإن لم يتيسر له ذلك -في أيام المواسم والزحام- فلا شيء عليه، ويستحب للطائف أن يكثر من الدعاء إلى الله والابتهال إليه، كما يستحب أيضاً إذا وصل للركن الذي يسبق الحجر الأسود، ويسمى (الرّكن اليماني)، أن يمسح عليه إن تيسر له، ويكرر ما يفعله حتى يتم أشواطه السبعة.
3-السعي: السعي بين الصفا والمروة ثالث أركان العمرة، وشعيرة عظيمة من الشعائر، قال تعالى: ﴿إن الصّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللهِ فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما﴾، ولا تشترط فيه الطهارة من الحدث الأصغر، وإن تطهر المعتمر فهو أفضل، وإن سعى على غير طهارة فلا حرج في ذلك، حيث يتعبد المعتمر ربه بقطع المسافة بين الصفا والمروة 7 مرات، كما فعل رسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم-.
الصفا والمروة جبلان صغيران كانت تصعد عليهما هاجَرُ أم إسماعيل -عليه السلام- بحثاً عن الطعام أو الماء، يمتد السعي بدايةً من جبل الصفا عند الصخور الظاهرة في الدور الأرضي، وعند جبل المروة ينتهي السعي، ويُسن عند الوصول إلى أول الصفا أو المروة في بداية كل شوط أن يرفع الحاج والمعتمر يديه متجهاً للقبلة، مع دعاء الله وتكبيره قبل بداية الشوط التالي، ويستحب للرجال القادرينَ الهرولةُ بين العلمين الأخضرين، كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
بعد تمام السعي، يتوجه الرجل إلى محلات الحلاقة، فيحلق أو يقصر شعره والحلق أفضل، وتجمع المرأة شعرها، وتقص من أطرافه قدر أُنملة الإصبع (1 – 2 سم)، وبذلك تكون العمرة قد تمت وخرج المعتمر من إحرامه.